responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 351
كِتَابُ الصَّلَاةِ
شُرُوعٌ فِي الْمَقْصُودِ بَعْدَ بَيَانِ الْوَسِيلَةِ، وَلَمْ تَخْلُ عَنْهَا شَرِيعَةُ مُرْسَلٍ. وَلَمَّا صَارَتْ قُرْبَةً بِوَاسِطَةِ الْكَعْبَةِ كَانَتْ دُونَ الْإِيمَانِ لَا مِنْهُ، بَلْ مِنْ فُرُوعِهِ. وَهِيَ لُغَةً الدُّعَاءُ، فَنُقِلَتْ شَرْعًا إلَى الْأَفْعَالِ الْمَعْلُومَةِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، لِوُجُودِهَا بِدُونِ الدُّعَاءِ فِي الْأُمِّيِّ وَالْأَخْرَسِ (هِيَ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ)
ـــــــــــــــــــــــــــــQقَالَ الْعِرَاقِيُّ فِي شَرْحِ التِّرْمِذِيِّ: وَلَا يُعَارِضُهُ حَدِيثُ الصَّحِيحِ «إنَّ أَوَّلَ مَا يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الدِّمَاءِ» لِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْعَبْدِ، وَالثَّانِي عَلَى حُقُوقِ الْآدَمِيِّينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ.
فَإِنْ قِيلَ: أَيُّهُمَا يُقَدَّمُ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ هَذَا أَمْرٌ تَوْقِيفِيٌّ، وَظَوَاهِرُ الْأَحَادِيثِ دَالَّةٌ عَلَى أَنَّ الَّذِي يَقَعُ أَوَّلًا الْمُحَاسَبَةُ عَلَى حُقُوقِ اللَّهِ تَعَالَى قَبْلَ حُقُوقِ الْعِبَادِ، وَكَذَا فِي شَرْحِ الْعَلْقَمِيِّ عَلَى الْجَامِعِ الصَّغِيرِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِي ذِكْرِ الشَّارِحِ لِهَذِهِ الْجُمْلَةِ قُبَيْلَ كِتَابِ الصَّلَاةِ مِنْ رِعَايَةِ التَّنَاسُبِ وَحُسْنِ الْخِتَامِ.

[كِتَابُ الصَّلَاةِ]
ِ (قَوْلُهُ شُرُوعٌ إلَخْ) بَيَانٌ لِوَجْهِ تَأْخِيرِهَا عَنْ الطَّهَارَةِ، وَتَقَدَّمَ فِي الطَّهَارَةِ وَجْهُ تَقْدِيمِهَا عَلَى غَيْرِهَا.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ تَخْلُ عَنْهَا شَرِيعَةُ مُرْسَلٍ) أَيْ عَنْ أَصْلِ الصَّلَاةِ. قِيلَ الصُّبْحُ صَلَاةُ آدَمَ، وَالظُّهْرُ لِدَاوُدَ، وَالْعَصْرُ لِسُلَيْمَانَ، وَالْمَغْرِبُ لِيَعْقُوبَ، وَالْعِشَاءُ لِيُونُسَ - عَلَيْهِمْ السَّلَامُ -، وَجُمِعَتْ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ. وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: بِوَاسِطَةِ الْكَعْبَةِ) أَيْ بِوَاسِطَةِ اسْتِقْبَالِهَا، وَانْظُرْ لِمَاذَا خُصِّصَ هَذَا الشَّرْطُ مَعَ أَنَّهَا لَمْ تَصِرْ قُرْبَةً إلَّا بِاجْتِمَاعِ سَائِرِ شَرَائِطِهَا ط.
وَقَدْ يُقَالُ: الْمُرَادُ أَنَّهَا صَارَتْ قُرْبَةً بِوَاسِطَةِ تَعْظِيمِ الْكَعْبَةِ فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ أَمَرَ بِاسْتِقْبَالِهَا تَعْظِيمًا لَهَا، وَفِي ذَلِكَ تَعْظِيمٌ لَهُ سُبْحَانَهُ بِوَاسِطَةِ تَعْظِيمِهَا، أَفَادَهُ شَيْخُنَا حَفِظَهُ اللَّهُ تَعَالَى.
(قَوْلُهُ: دُونَ الْإِيمَانِ) لِأَنَّهُ قُرْبَةٌ بِلَا وَاسِطَةٍ.
(قَوْلُهُ: لَا مِنْهُ بَلْ مِنْ فُرُوعِهِ) أَيْ بِاعْتِبَارِ الْفِعْلِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِحُكْمِهَا وَهُوَ الِافْتِرَاضُ فَهِيَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ مِنْ مُتَعَلِّقِ التَّصْدِيقِ بِمَا جَاءَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ط وَأَشَارَ الشَّارِحُ إلَى خِلَافِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الْأَعْمَالَ مِنْ الْإِيمَانِ كَالْبُخَارِيِّ وَغَيْرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ لُغَةً الدُّعَاءُ) أَيْ حَقِيقَتُهَا ذَلِكَ، وَهُوَ مَا عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ، وَجَزَمَ بِهِ الْجَوْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّهُ الشَّائِعُ فِي كَلَامِهِمْ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ بِالْأَرْكَانِ الْمَخْصُوصَةِ، وَقِيلَ إنَّهَا حَقِيقَةٌ فِي تَحَرُّكِ الصَّلَوَيْنِ بِالسُّكُونِ: الْعَظْمَانِ النَّاتِئَانِ فِي أَعَالِي الْفَخِذَيْنِ اللَّذَانِ عَلَيْهِمَا الْأَلْيَتَانِ، مَجَازٌ لُغَوِيٌّ فِي الْأَرْكَانِ الْمَخْصُوصَةِ؛ لِأَنَّ الْمُصَلِّيَ يُحَرِّكُهُمَا فِي رُكُوعِهِ وَسُجُودِهِ، اسْتِعَارَةٌ تَصْرِيحِيَّةٌ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ فِي الدُّعَاءِ تَشْبِيهًا لِلدَّاعِي فِي تَخَشُّعِهِ بِالرَّاكِعِ وَالسَّاجِدِ، وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: فَنُقِلَتْ إلَخْ) اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ فِي الْأَلْفَاظِ الدَّالَّةِ عَلَى مَعَانٍ شَرْعِيَّةٍ كَالصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ، أَهِيَ مَنْقُولَةٌ عَنْ مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّةِ إلَى حَقَائِقَ شَرْعِيَّةٍ: أَيْ بِأَنْ لَمْ يَبْقَ الْمَعْنَى الْأَصْلِيُّ مَرْعِيًّا، أَمْ مُغَيَّرَةٌ: أَيْ بِأَنْ يَبْقَى وَيُزَادَ عَلَيْهِ قُيُودٌ شَرْعِيَّةٌ قِيلَ بِالْأَوَّلِ وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الْغَايَةِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهَا تُوجَدُ بِدُونِ الدُّعَاءِ فِي الْأُمِّيِّ وَقِيلَ بِالثَّانِي وَأَنَّهُ إنَّمَا زِيدَ عَلَى الدُّعَاءِ بَاقِي الْأَرْكَانِ الْمَخْصُوصَةِ، وَأُطْلِقَ الْجُزْءُ عَلَى الْكُلِّ كَمَا فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الظَّاهِرُ) الضَّمِيرُ لِلنَّقْلِ الْمَفْهُومِ مِنْ نُقِلَتْ، وَقَوْلُهُ لِوُجُودِهَا عِلَّةُ الظُّهُورِ. اهـ. ح، وَعَلَّلَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ الدُّعَاءَ لَيْسَ مِنْ حَقِيقَتِهَا شَرْعًا أَيْ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ خِلَافُ الْقِرَاءَةِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَهُوَ مَمْنُوعٌ. قُلْت: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الَّذِي مِنْ حَقِيقَتِهَا قِرَاءَةُ آيَةٍ وَإِنْ لَمْ تَكُنْ دُعَاءً تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: هِيَ) أَيْ الصَّلَاةُ الْكَامِلَةُ، وَهِيَ الْخَمْسُ الْمَكْتُوبَةُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ) أَيْ بِعَيْنِهِ؛ وَلِذَا سُمِّيَ فَرْضَ

اسم الکتاب : الدر المختار وحاشية ابن عابدين (رد المحتار) المؤلف : ابن عابدين    الجزء : 1  صفحة : 351
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست